عند اقتراب نهاية الدولة الأموية وأفول نجمها توالى على كرسي الخلافة خلفاء لم يكونوا على قدر المسؤولية كأسلافهم ولم تدرك عقولهم المتغيرات الإقليمية حولهم من تنامي الدعوة العباسية في خراسان وبقية الأقاليم وازدياد سخط الشعوب عليهم بسبب سياساتهم وانغماسهم بالخلافات والشهوات وإهمالهم لمتطلبات شعوب تلك الاقاليم ، وكان يزيد بن الوليد أحد أولئك الخلفاء ، أراد أن يقوم بإصلاحات في التوقيت الخاطئ فأخذ بإنقاص النفقات والرواتب على الجند واتبع سياسة التقشف حتى أطلق عليه الناس لقب ( يزيد الناقص ) .
سياسة التقشف وترشيد الإنفاق من حيث المبدأ إجراء سليم ولكن للسياسة رأي في ثبات ذلك المبدأ ، عندما تزداد المخاطر حول الدولة مع امكانية زوال الحكم فهذا المبدأ ( التقشف ) يزيد الطين بله ويعجل بزوال الدولة ، وهذا ماحصل مع الخليفة يزيد الناقص ولو توجه نحو إصلاح الجبهة الداخلية وقضى على خلافات الأسرة الأموية ووحد الصف وزاد بالانفاق والاعطيات لربما تغيرت حركة التاريخ ولكن الله بالغ أمره .
العبرة من هذه السيرة أن المبادئ الثابتة تحتاج إلى حكمة تطبقها في الوقت المناسب وفي الظرف المناسب وإلا ستكون فوضى يختلط فيها الحق بالباطل !