علل الدستور الكويتي و سبل حلها.
بقلم أبو عبدالله X
تعاني الكويت و شعبها من ايام مظلمة منذ اعلن حاكم الكويت ( الشيخ مشعل الاحمد الصباح) بوقف العمل ببعض مواد الدستور وخاصة تلك المتعلقة بالبرلمان، ولكن واقع الامر كشف ان التعطيل طال كل القوانين ، فلا قانون سوى مزاج السلطة و السلطة هي من تقرر أي قانون يطبق ومتى يطبق و مع من يطبق، فهي الخصم و الحكم و المحكمة الدستورية.
يتخوف البعض من مفردة "تعديل الدستور" رغم ان الدستور ذاته يوضح الآلية التي يمكن من خلالها تعديل مواد الدستور ، و للأسف كانت السلطة منذ نشأت الكويت الحديثة و العمل بالدستور تعزز هذا الرعب والخوف تحت مبدأ " كلمة حق يراد بها باطل". فالسلطة منذ البداية اكتشفت القصور في بعض مواد الدستور إلا انها منعت التعديل حتى تتمكن من استغلال هذا القصور لوأد الكمال في العمل البرلماني ولهذا كانت السلطة منذ الستينيات وهي تلوم المجلس على فشل الدولة وهي تعلم اين موقع الخلل الحقيقي و تحذر أن تعديل الدستور سوف يقود الدولة إلى المجهول في حين واقع الحال أثبت الدولة بلا دستور ولا برلمان هو من يسير بها في المجهول و إلى المجهول.
الدساتير من القوانين البشرية و بطبيعة الحال لا تخلوا من قصور بشري فتحتاج هذه الدساتير للتعديل ما بين حين و آخر حسب احتياجات الشعوب و ما يطرأ من خلل في تطبيق نصوصه ولذلك لابد وجود تعديل لهذه النصوص ، فالفرق بين الدستور و القانون العام سوى ان الدستور هو اعلى درجات القانون الذي يجب ان تكون كافة القوانين الصادرة بالبلاد متماشية مع مبادئه و روحه قبل نصوصه.
الديموقراطية حماية حقوق المواطنين التي تتمع بها شعوب الدول الغربية لم تاتي دفعة واحدة بدستور كتب منذ المرة الاولى ولم تكن منحة من حاكم أو ملك ، بل كان نتيجة حراك شعبي متواصل و مطالبة بالحقوق و العدل لفترة طويلة من الزمن، وصل ببعض تلك الشعوب الأمر إلى إراقة الدماء و معارك و الحروب الأهليه و نتج عن بعضها الغاء أنظمة الحكم الوراثية كفرنسا ، أو مثلا بريطانيا كيف بدأ الشعب السعي بتقليص صلاحيات الحاكم منذ إطلاق الوثيقة العظمي " الماجنا كارتا" سنة 1200 ميلادية تقريبا و استمرت السلطة هناك بالتحايل تارة و بالقمع تارة لمنع الشعوب من حقوقها حتى الحرب الاهلية الانجليزية سنة 1642 بسبب الاحتقان مابين الملك الإنجليزي و البرلمان .
ولو قارنت السلطة و كل متخوف من تعديل الدستور حول تشابه المسيرة الديموقراطية في بريطانيا و الكويت ، لوجدوا تطابق كبير ماعدا امرين وهما قصر المدة للحصول على الحقوق و عدم حدوث حرب أهليه، فلماذا لا ترى السلطة الجانب الايجابي من المطالبة الشعبية بصون الحقوق و الدستور انه هذه المطالبة تحمي الدولة و النظام ايضا، و لهذا يجب النظر بعقلانية إلى ماهي التعديلات الدستورية الضرورية لمنع الاحتقان في البلاد و التي يمكن إيجازها بالمواضيع التالية ( الوزير المحلل - فترة تشكيل الحكومة بعد كل انتخابات - عقد الجلسات بدون الحكومة- برنامج عمل الحكومة - الاستجواب- حل مجلس الامة- مجلس القضاء الأعلى-عزل الحاكم)
1. تعديل فقرة الوزير المحلل من المادة ٥٦ من الدستور ، و ذلك لانحراف مسلك أغلب الوزراء المحللين في السنوات الأخيرة عن غاية اشتراكهم في الحكومة بل انهم اصبحوا محل شبهات الفساد و تنفيع بعد استلام المنصب مما يتطلب غلق هذا الباب و كذلك الضرر الثاني للوزير المحلل هو و في حالة امتناع كافة الاعضاء المنتخبين الدخول في التشكيلة الحكومية الامر الذي يدخل البلد في دوامة دستورية ، فالحكومة المستقيلة لا تستطيع حل المجلس و الحكومة الجديد لأنها لم تنل صفتها الدستورية بعد، فلا سبيل لتجاوز هذه المعضلة الا من خلال تعديل كلمة ( يكون إلى يجوز) وبهذا تنتهى المعضلة ، علما بأن هذا التعديل سوف يبقى على نسبة الثلث المقررة في الدستور.
2. تعديل المادة ٨٧ لتصبح ، استثناء من أحكام المادتين السابقتين يدعو الأمير مجلس الأمة لأول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس في خلال ثمانية أسابيع بدلا عن اربعة من انتهاء تلك الانتخابات ، فإن لم يصدر مرسوم الدعوة خلال تلك المدة اعتبر المجلس مدعواً للاجتماع في صباح اليوم التالي للأسابيع الثمانبة المذكورة مع مراعاة حكم المادة السابقة، لوقف الاحتقان نظرا لقصر المدة المتوفرة مابين إعلان نتائج الانتخابات و قبول استقالة الحكومة ومن ثم مشاورات تكليف حكومة ، الأمر الذي يحتم ضرورة منح فترة كافية لتشكيل الحكومة مما هي منصوص عليها بالدستور بالصيغة الحالية و أثبتته السنوات الأخيرة من صعوبة تشكيل حكومات فعلية وليس مجرد حكومات حل و مجلس و تعطيل البرلمان .
3. تعديل نص المادة ٩٧ و أصحبت هي العذر في عدم اتمام جلسات المجلس في السنوات الأخيرة فانه لتجاوز هذه المعضلة تعديل المادة ٩٧ بإضافة كلمة ( يشترط لصحة اجتماع مجلس الأمة حضور أكثر من نصف اعضائه المنتخبين.) مع ابقاء الجزء الاخر من المادة كما هو.
4. تعديل المادة ٩٨ لتصبح ، تتقدم كل وزارة بعد تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة خلال مدة اقصاها شهرين من اداء القسم بالمجلس، وللمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج. برناج عمل الحكومة كان احد اسباب الاحتقان في السنوات الاخيرة بسبب قصر المده الممنوحة للحكومة لاعداده فالوضع الحالي يلزم الحكومة تقدم برنامج عملها فور تشكليها و هذا من المستحيل، ففي السنوات الأخيرة كان جل الوزراء من خارج الوزارت فلا علم لهم بتفاصيل تلك الجهات فكيف له أن يعد خطة باسبوع، مما اضطر الحكومات السابقة تحت تطبيق هذه المادة من الدستور بأن تقدم نسخة معدلة طفيفا عن خطط الحكومات السابقة مما يؤدي إلى التصعيد بين المجلس والحكومة .
5. كانت الاستجوابات احد عناصر التأزيم ففي السنوات الأخيرة رغم انه احد طرق الرقابة التشريعية على سلوك و عمل الوزراء و ذات الوقت التلويح بسرعة اعلان الاستجواب لوزراء لم يمضوا وقت كافي بالمنصب يستجوب وضع مقايس جديد على وزن قاعدة ( لا افراط و لا تفريط) فبات من الضروري تعديل المادة ١٠٠ لتصبح، لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم . ولا تجرى المناقشة في الاستجواب إلا بعد أسبوعين من تقديمه على الأقل من يوم تقديمه ويشترط لتقديم الاستجواب أن يكون الوزير أتم على الاقل ثلاث اشهر في منصبه الوزاري، وفي حالة الاستعجال للمناقشة لتصبح اسبوع واحد يجب الحصول على موافقة مجلس الامة بعد الاستماع للمبررات التي يقدمها النائب المستجوب. وبمراعاة حكم المادتين 101 و 102 من الدستور يجوز أن يؤدي الاستجواب إلى طرح موضوع الثقة على المجلس ولا يجوز للوزير المستجوب الاستقاله بعد تقديم الاستجواب ، و حالة تحقق طرح الثقة بالوزير يمنع من تولي المناصب العامة. منع الوزير من الاستقالة بعد تقديم الاستجواب يحصن المناصب الوزارية من المتسلقين الراغبين في المزايا المالية او الوجاهة الاجتماعية، فمنع الوزير من الاستقالة او التدوير يجبر رئيس الحكومة على اختيار رجال دولة و يحمي المنصب من العبث.
6. لحماية مجلس الامة من استغلال رئيس الدولة سلطة بتكرار حل المجلس الواحد تلو الاخر دون ضابط لهذه الصلاحية يحتم تعديل المادة ١٠٧ لتصبح ان لرئيس الدولة له حق حل محلي واحد ولا يحق له حل المجلس الذي يليه، فاذا كانت هناك حاجة لحل المجلس التالي تعرض الرغبة الأميرية مشفوعة بأسباب طلب الحل على مجلس الامة و التصويت و لأعضاء المجلس القرار ، لتصبح المادة (للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل على أنه لا يجوز حل المجلس الذي يليه . وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل . فان لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن بدعوة من رئيس المجلس. ويستمر في أعماله حتى اكتمال مدة الفصل التشريعي ولا يجوز حله مره اخرى.
7. تعديل المادة ١٦٨ لتصبح ، يكون للقضاء مجلس أعلى ينظمه القانون ويبين صلاحياته، ترشيح اعضاء المجلس الأعلى للقضاء عبر تزكية مجلس الوزراء و تصويت مجلس الأمة بالموافقة بالأغلبية.
8. يجب منح كل من السلطة التنفيذية و التشريعية حق عزل رئيس الدولة ، فالسلطة التنفيذية تملك حق عزل الأمير في حال عجزه عن اداء مهامه الوظيفية لاسباب صحية، و يعرض الأمر للتصويت في جلسة سرية، اما السلطة التشريعية فهي تمتلك حق عزل رئيس الدولة في حال تجاوزه النصوص الدستورية و اصدار مراسيم و قرار وقف العمل بالدستور كليا او جزئيا عبر الدعوة لليوم التالي من صدور تلك القرارات و التصويت العلني على العزل.