الوضع المكّي والمديني بالمقارنة مع الوضع الكويتي
بدايةً يطيب لي إيصال الشكر والعرفان للشعب الكويتي الذي يتفاعل عن طريق الصحيفة الوطنية الدستورية الكويتية بنشر المقالات والآراء وقراءتها ووضع اللايكات وتثبيت التغريدات عن طريق منصة X، وهذا إن دل، يدل على وعي مجتمعي واضح في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مناصرة الحق ودحض الباطل.
ولعلنا نشكر الأعزاء في هذه الصحيفة على اتاحتهم الفرصة لنشر المقالات والتحفظ على سرية معلومات أصحابها، لا يخفاكم بأن القبضة الأمنية شديدة جداً، والسرية مطلوبة للظرف التاريخي الحالي، ولا بد من هذه القبضة من بسط في الأيام المقبلة إن شاء الله لنتكلم بحرية في المستقبل.
تفكرت اليوم في الوضع المكّي زمن بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقارنتها بالوضع المديني آنذاك وودت لو أسقطها على الوضع الكويتي، كيف لنا أن نستفيد مما مضى؟
لو نظرنا إلى ذروة سنام الجمل في الدعوة الأولى، نرى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدأ في قومه في مكة كسائر الأنبياء، الذين بعثوا لأقوامهم لدعوتهم للخير وللاسلام والإيمان، ولكن الاختلاف هنا بين نبينا وأنبياؤهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم بعث للناس كافة، ولو أنه بعث فقط لأهل مكة لتغيرت الكثير من الأحداث التاريخية، ولكن قدّر الله لهذا الدين أن يكون للناس كافة ليحمي بها نبيه ويعصمه من الناس، ويسخر له الأرض ومن عليها، حتى أن رسولنا لما حاول في أهل الطائف وآذوه لم ييأس منهم، وكلنا نعرف الحديث المشهور عن جبريل ومعه ملك الجبال يقول للنبي الآتي:
عن عائشة رضي الله عنها قالت:
سألت رسول الله ﷺ: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أُحد؟ قال:
“لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يُجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلّتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردّوا عليك، وقد بعث إليك مَلَك الجبال لتأمره بما شئت فيهم.
قال: فناداني مَلَك الجبال فسلّم عليّ ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا مَلَك الجبال، وقد بعثني ربّي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟
فقال رسول الله ﷺ: بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا.”
⸻
المصدر:
• صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة (حديث رقم: 3231)
وعاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة بطريقة صعبة جداً جداً، لما وصل النبي ﷺ إلى مكة، أرسل إلى الأخنس بن شريق الثقفي يسأله أن يجيره، فقال: أنا حليف، والحليف لا يُجير.
ثم بعث إلى سهيل بن عمرو، فقال: إن بني عامر لا تجير على بني كعب.
ثم بعث إلى المطعم بن عدي، وهو من سادات قريش، فأجابه إلى ذلك، وقال: “نعم، أدخل في جواري”.
فخرج المطعم مع بنيه متسلحين، ولبسوا السلاح، ووقفوا عند الكعبة.
وقال المطعم: “يا معشر قريش، إني قد أجرت محمدًا، فلا يهجه أحد منكم”.
فدخل رسول الله ﷺ مكة في جوار المطعم بن عدي، وأدى الطواف بالبيت وصلّى ركعتين، ثم انصرف إلى بيته آمنًا.
لو نظرنا إلى الوضع سياسياً، نلاحظ أن مكة لم تكن مركزية الحكم، أي ليس عليهم سلطان ولا ملك ولا حاكم، ولا احد يتجرأ على العدوان على الآخر.
وفي اسقاطنا لهذا الوضع على الزمن الحالي نقول أن القبائل كانت بمثابة جماعات وكيانات ودول، مثل الاتحاد الفيدرالي والكونفدرالي، مع الفروقات الجوهرية، وهذا ما ناسب العرب قديماً وتبناه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المدينة مع الأنصار والمهاجرين واليهود، وهناك مباحث كثيرة لصحيفة المدينة ينبغي النطر فيها.
لكن الموضوع الأهم هو فتح مكة، كيف فتحت مكة بسهولة ومن غير قتال يذكر، وهذا لسبب رئيسي، ألا وهو أن العرب قديماً كانت لا تؤمن بمقولة: الحيطان ليها ودان، نعم هناك جواسيس ونقالين أخبار وعيون، لكن لو كان رجلين في مكان سري غير مكشوف للمتربصين يعلمون أنهم لن يفشوا الأسرار فلو يتحدثوا بأي موضوع سيكون مكتوماً، وهذا بالذات ما أراد رب العالمين في القرآن بيان أن هذه القاعدة التي فرضتموها أنتم أيها البشر لا تنطبق على رب العالمين، لمصداق الآية:
﴿أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعلَمُ ما فِى السَّمٰوٰتِ وَما فِى الأَرضِ ما يَكونُ مِن نَجوىٰ ثَلٰثَةٍ إِلّا هُوَ رابِعُهُم وَلا خَمسَةٍ إِلّا هُوَ سادِسُهُم وَلا أَدنىٰ مِن ذٰلِكَ وَلا أَكثَرَ إِلّا هُوَ مَعَهُم أَينَ ما كانوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِما عَمِلوا يَومَ القِيٰمَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ﴾ [المجادلة: 7]
لكن هذا الظن شجّع الناس على البحث عن أخبار النبي في المدينة، وكلما نزلت آية تداولوا أخبارها وتداولها كلماتها وتناقلوها بألسنتهم، من المدينة الى مكة والى اليمن والى عمان والى البحرين والى نجد والى العراق والى الحبشة والى الشام ومصر وكل مكان تصله قوافل وأخبار وزيارات وما إلى ذلك، أي انتشرت في الآفاق، سواء أحببتها أو كرهتها، ستصلك هذه الكلمات
واسقاطاً على الكويت واليوم في الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي نلاحظ ان لها اعداد مشاهدات مهولة جداً وخصوصاً المعارضين، سواء تحبهم أو تكرههم، ستبحث عن أخبارهم، لا تخف من تناقل الكلمات، ولا تخف من تناقل الحق والتواصي به، لو وجدت معلومة مفيدة انشرها، لو عندك شي بثه على الهواء، لكن احذر، هناك بعض الزوايا في السوشال ميديا وصلتها الأيدي الخفية وخصوصاً مساحات منصة X الصوتية، لا تدخلها فهي غير آمنة وهناك اجهزة تجسس لدول تعرض منتجاتها التجسسية للأجهزة الأمنية، وبأسعار خيالية، وهذا ما يحبوه الجماعة، احذرها، فيما عدا ذلك اليوتيوب والمقالات والكتب أن في مأمن بها، وفرّق مابين Offline و Online وفرّق مابين المكشوف والمشفّر، لكن لا تحرم نفسك من الإطلاع على كل شي فيه خير.