غالباً مايجنح سلوك الدول الصغيرة ،خاصة التي تعرضت لتهديدات وجودية، إلى مظاهر السلم ولغة التفاهمات والحوار ومظاهر الحضارة من فنون وأداب وأنشطة ثقافية تدعو للمحبة والأخوة الإنسانية بعيدا عن أشكال العسكرة والتلويح بالقوة.
والكويت ليست إستثناءً ، ولكن مايشهده هذا العهد من عسكرة كل شيء ووضع الدولة بيد وزير الداخلية فهد يوسف يعطي الكويت شكلاً هزلياً خاصة بوجود رقصة العرضة النجدية في كل المناسبات وهي رقصة تحفيز للقتال أو الإحتفال بالنصر ، وبعد التحرير اختفت تقريبا من بروتوكولات الإحتفالات الرسمية واستبدلت بفاعليات أخرى ، وكانت فلكورا يقام في أيام الأعياد ويتصدره المرحوم الشيخ عبدالله الجابر وبعد ذلك اختفت تقريباً.
اليوم تعود " عرضة السيوف" بصفة أساسية في كافة الأحتفالات الرسمية التي يشارك فيها أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد ، ويتساءل الجميع لمن " يعرض" مشعل الأحمد فهل هو أو " الدولة" تحمس شعبها للقتال ؟!.. وضد من ؟! أم تحتفل بإنتصار ما؟.
وفي جميع الحالات فأن دولة الكويت أبعد ماتكون عن السعي للقتال ، ولم يكن هناك انتصار ا لنحتفل به إلا إذا كان الإنقلاب على الدستور وسحب الهوية الوطنية ( الجنسية) من الألاف وسجن المطالبين بالحقوق الدستورية وتهجير بعضهم يعدهُ الحكم انتصارا يستوجب معه الإحتفال به دورياً؟!..أو ممارسة لتذكير الشعب الكويتي بأن القادم هو مزيدُ من القمع والإضطهاد على قرع طبول " العرضة".
والغريب أن جميع مِن مَن في السُلطة حالياً بدون أي سجل عسكري لافت فهم ليسوا مقاومين أو صامدين أو حتى من الهيئة العسكرية التي شاركت مع التحالف الدولي الذي حرر البلاد في فبراير 1991 ، وأفضلهم سجله أنه في فجر 2أغسطس 1990 كان " درويل" أو " بودي غارد".!
هز الأجساد وقرع الطبول ولمعان السيوف لامعنى لهُ في الكويت وتراثها بعد فشل مخططات مبارك الكبير بالتوسع ، وخسارات معاهدة العقير1922،واعتداءات الصامتة وغزو1990 فالكويتيين هُم من ثبتوا الكويت الحالية بتضحياتهم في معركة الجهراء وبطولات الشهداء المقاومين أثناء الغزو العراقي ووفاءهم في مؤتمر جدة لأسرة الصباح والوفود الشعبية التي جالت العالم تطالب بالتحرير وتجدد البيعة للنظام الحالي.
الكويت دولة صغيرة أهم مبدأ يجب أن ترسخه في العالم والأقليم هو تنحية مظاهر القوة والعسكرة لصالح دول حضارية دستورية تحترم المعاهدات الدولية وحقوق الإنسان ، لأن منطق القوة والسيوف ليس في صالحها ،والكويت معروفه تاريخيا بقوتها الناعمة كمركز للأداب والفنون والإعلام وبرلمانها وإعلامها الحُر ومهارات مواطنيها التجارية والإقتصادية والإنسانية ، فتصويت الدول في الأمم المتحدة أثناء كارثة 1990 معنا كان نتيجة لكل ذلك وللأسف اليوم نهدم كل ما بنيناه في 65 سنة بتهجير المبدعين والفنانين بعناويين تعود للعصور الوسطى مثل تطهير الهوية الوطنية وإعادة الكويت إلى الكويتيين ورقة بيضاء!!.
ونحاول تصدير مفاهيم استعراض القوة عبر رقصة عسكرية ربما تتواءم مع دولة كبيرة لها امكانيات بشرية وجغرافية عريضة ومنافسات اقليمية ، وبالتأكيد فأن أي زائر للبلاد او مشاهد لتلفزيون الكويت يتابع مشاهد تناطح السيوف ومظاهر نفير الحرب سيضحك في داخله ويقول: بربهم ماذا يفعلون هؤلاء؟!.