مع مرور عام على قرار تعليق الدستور وحل مجلس الأمة، تتزايد المؤشرات على أن ما قُدّم كـ”مرحلة انتقالية مؤقتة” قد يطول لسنوات. التصريحات الصادرة عن دوائر الحكم لا تتحدث عن موعد محدد لعودة الحياة النيابية، في حين يجري العمل على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة بمعزل عن أي رقابة شعبية. فهل نحن مقبلون على أربع سنوات بلا برلمان؟ وما السيناريوهات السياسية المحتملة للكويت إذا استمرت هذه الحالة الاستثنائية؟
السيناريو الأول: التمديد المستمر باسم الإصلاح
هذا السيناريو يُبقي على الوضع الحالي، حيث تُدار الدولة بسلطة تنفيذية مركزية يقودها الأمير، وتُطرح مشاريع جزئية –مثل مكافحة الفساد أو ضبط الإنفاق– دون إطار تشريعي أو رقابي. ويتم في هذا السياق تسويق “الإصلاح الإداري” كبديل عن الديمقراطية، وتُستبدل الانتخابات بـ”اختيارات كفؤة”، والمحاسبة بـ”الولاء والامتثال”. وهو سيناريو يُكرّس النظام الفردي بوصفه الشكل الجديد للحكم.
السيناريو الثاني: العودة الشكلية للبرلمان
ربما تعود الحياة النيابية لاحقًا، لكن بعد تفريغ المجلس من مضمونه الرقابي والتشريعي، من خلال تعديلات قانونية تقيد دوره، أو عبر هندسة الانتخابات لتنتج مجلسًا صوريًا. في هذا السيناريو، يتحول البرلمان إلى واجهة ديمقراطية دون فاعلية حقيقية، ويُستخدم لإضفاء شرعية على قرارات اتُخذت مسبقًا خارج أطره.
السيناريو الثالث: انفجار اجتماعي أو سياسي
إذا طال أمد الاستثناء، واستمرت السلطة في استبعاد المجتمع من القرار، فقد تتشكل معارضة أوسع وأكثر تنوعًا، تُعيد فتح الملف الديمقراطي في الشارع، أو عبر وسائل إعلام جديدة، أو من خلال احتجاجات طلابية وشعبية. هذا السيناريو يعتمد على قدرة المجتمع المدني على استعادة المبادرة، لكنه أيضًا قد يُواجَه بقمع ممنهج أو تجاهل طويل.
السيناريو الرابع: مراجعة شاملة وبناء عقد سياسي جديد
وهو السيناريو الأقل احتمالًا في المدى القريب، لكنه يبقى الأكثر نضجًا: أي أن تُدرك السلطة أن الاستقرار الحقيقي لا يأتي من الإقصاء، بل من التفاهم، فتدعو إلى حوار وطني حقيقي لإعادة كتابة عقد سياسي جديد، يحفظ للدولة هيبتها، ويُعيد للمجتمع ثقته، وللدستور روحه. ولكن هذا السيناريو يفترض إرادة سياسية شجاعة واستعدادًا لتنازلات تاريخية.
بعد عام من تعليق الدستور، بات واضحًا أن الكويت دخلت نفقًا سياسيًا طويلًا، ليس من السهل الخروج منه دون رؤية واضحة وإرادة مشتركة. إن استمرار الحكم بلا برلمان ليس مجرد فراغ دستوري، بل تراكم للأزمة وتآكل لمصادر الشرعية. والسؤال لم يعد: “متى يعود المجلس؟”، بل: “أي نظام سياسي ستخرج منه الكويت بعد هذه السنوات؟”