فرق شاسع بين دولة السّلطة وسُلطة الدولة، فالأولى تكون دائما نابعة من نظام ديكتاتوري متسلط نتيجة حكم الفرد أو العصبة الحاكمة وغالبا ما تكون في نظام ديموقراطي مشوه أو دولة دستورية شكلية ونظام قانوني قضائي فاسد او يدار بالريموت كنترول.
أما سُلطة الدولة فتكون نابعة من الدولة المؤسساتية الديموقراطية الحقة ذات النظام القضائي المستقل النزيه الحاكم الفاصل في كل حقوق الأفراد والمجتمع والدولة بما فيها قضايا الهوية الوطنية والعقيدة والحريات وذات وسائل الأعلام الحرة غير المرتبطة بمنافع وأغراض شخصية.
في الكويت ومنذ ١٩٦٢ كنا نعتقد إننا " سلطة الدولة" بعد إعلان الدستور ولكن ذلك لم يدم طويلاً وكان على فترات متقطعة وقصيرة كان أخرها بعد تحرير الكويت ١٩٩١ وبسبب حياء أسرة الصباح من الكويتيين الذين أعادوهم إلى الحكم بعد أن فروا خارج البلاد في ساعات قليلة من دخول القوات العراقية غازين للبلاد.
وكما تعودوا ( الصباح) لم يصمدوا كثيرا في تعهداتهم للكويتيين في مؤتمر جدة اكتوبر ١٩٩٠ وللمجتمع الدولي والقوى الكبرى بإحترام الدستور والديموقراطية والحريات في الكويت وبدؤوا بالعبث في النظام الديموقراطي عبر الأموال الطائلة التي تجنيها الدولة من ثروتها الوطنية من النفط والصناديق الإستثمارية الهائلة التي يتحكمون بها وفق شهادة ابنهم مدير أمن الدولة السابق الشيخ مشعل الجراح الصباح.
الأسرة الحاكمة في الكويت ذات الفكر العشائري والمغرمة بإنماط الحكم الفردي في الدول المجاورة لهم ،رغم تخرج معظم ابناءهم من الجامعات والإكاديميات الغربية في الدول الدستورية الديموقراطية الحقة" ، إلا أن أغلبية تلك الأسرة مازالت تبحث عن تكريس نهج " دولة السّلطة" عبر اوامر او مراسيم أمير الدولة ذو الذات المصونة التي لا تمس فهو يستطيع أن يهدم كل كيان الدولة الدستوري الديموقراطي بأوامر مباشرة منه ثم يتمترس خلف تلك " الذات" المحمية بقوانين أمن الدولة والجنسية والتي قد تنهي حياة من يطالب بحقوقه في السجن لسنوات مديدة او تمحيه من الوجود عبر إلغاء هويته الوطنية ( الجنسية) فيصبح شبحاً لا وجود لهُ ولا حقوق ولا لقمة عيش ولا حساب بنكي.. إلخ.
أما مايسمى بالمجتمع المدني الكويتي فهو وهمُ نتيجة الديموقراطية المشوهة الكويتية التي يتحكم بوجودها واختفاءها ذو الذات المصونة التي لا تمس وبمجرد " تحميرة" عين منه تلاشى المجتمع المدني وذاب واختفى وأصبح مجرد صالونات للوجاهه والمسنيي والباحثين عن الفرص والمناصب، وكذلك القوى التجارية الإنتهازية الرعوية التي تعيش على مناقصات الدولة والمضاربات وفوائد الربى من القروض من المواطنيين التي تضمن الحكومة تحويل رواتبهم إلى مصارفهم، تلك القوى التجارية لم تكن يوما صادقة في مطالبهم بالدستور والديموقراطية بل كانت " عدة الشغل" ليشاركوا ذو الذات المصونة في النفوذ والحكم والثروة والتقاضي عن سرقاتهم وتلاعبهم في مناقصات الدولة.
بل أن القوى التجارية لبسوا " بدلة الرقص" وبدؤوا يهزون وسطهم ( تخسي سهيرزكي وفيفي عبدة ولوسي وصافيناز) في صحفهم لمشعل الأحمد وهُم يكرسون نهج حكمه وتكريس "دولة السّلطة" لخدمة مصالحهم أما بقية القوى والسياسية والنواب فهم من مهد لهذه الدولة بجبنهم ونفاقهم والخوف على مصالحهم ، بالإضافة إلى أن المناضلين الوطنيين قد اختفوا تقريبا من الكويت.