الهوية الوطنية بين الحقيقة والاستغلال
مصطلح "الهوية الوطنية" كثيرًا ما يُقدَّم في الخطاب العام كعنوان جامع يُفترض أن يوحّد أبناء الوطن على قاعدة المساواة والحقوق المشتركة. لكن في التجربة الكويتية، هذا المصطلح لم يكن دائمًا أداة للاندماج بقدر ما تحوّل، في لحظات سياسية معينة، إلى أداة للإقصاء.
فمنذ عام 2007 بدأت شرارة هذا التحوّل، عبر تحالف معقّد ضمّ أطرافًا سياسية واجتماعية وتجارية، وبدعم مباشر من الأمير الحالي.
هذا التحالف استطاع أن يُسوّق خطابًا جديدًا يقوم على تقسيم المجتمع وإعادة تعريف "الوطنية" بطريقة ضيقة، تُقصي مكونات رئيسية في البلاد، وتضعها خارج دائرة المواطنة الكاملة.
المفارقة أن هذا الخطاب لم يجد رواجًا عند الطبقات المهيمنة فقط، بل وجدت فيه بعض المجموعات المهمشة تاريخيًا فرصة للتماهي مع قوة أكبر.
هذه المجموعات، بدلًا من أن تطالب بالعدالة والإنصاف، انجرفت في الدفاع عن خطاب إقصائي عنصري، ظنًا منها أنه يرفع من مكانتها أو يحميها من مزيد من التهميش.
ولذلك، عندما نتابع اليوم أصوات المؤيدين لقرارات سحب الجنسية أو تقييد الحقوق، ندرك أن كثيرًا منهم ينتمون إلى تلك الفئات التي وجدت في الظلم والعنصرية وسيلة لإثبات "ولائها" للدولة.
والنتيجة هي مجتمع ممزق، تُستخدم فيه الهوية الوطنية كعصا لتأديب الخصوم، لا كجسر يوحّد المواطنين.