الوطنية الزائفة هي ملاذ الانذال !!
الوطنية شعور طبيعي يولد من علاقة الإنسان بأرضه وتاريخه وهويته وهي إحساس فطري لا يحتاج إلى توجيه أو تصنيع.
بالمقابل هناك أنظمة سياسية تحاول أن تصنع وطنية مفبركة تُفرض على الناس عبر الإعلام والخطاب الرسمي والشعارات المكررة والمناهج المدرسية في محاولة لخلق ولاء زائف يغطي على أزمات الواقع.
الكويت اليوم مثال حي على هذا التناقض فبينما يحتفظ الكثير من الشعب بوعي عميق بالوطن كقيمة إنسانية ومصيرية يواجه واقعًا سياسيًا مرتبكًا تقوده عقلية حاكمة رجعية لايمكنها بناء دولة مؤسسات حقيقية.
فالنظام الحاكم ما زال عالقًا في ذهنية الماضي يتعامل مع السياسة كملكية شخصية لا كعقد اجتماعي يقوم على المشاوره والمشاركة والمحاسبة .
هذا التخبّط السياسي انعكس على كل جوانب الحياة بداية من تغييب الاستقرار التشريعي عبر تعطيل مجلس الامة بعد الحل الغير دستوري للهروب من الإرادة الشعبية .
ثم غياب الرؤية واستمرار شلل تطوير الاقتصاد من أجل الاستحواذ على ثروة الكويت بإشغال الشعب بالصراعات والتأزيم الاجتماعي وتغذية الانقسامات الفئوية والعنصرية وحتى الطائفية كوسيلة لإبقاء المجتمع مفككًا.
المفارقة أن النظام وهو يعمل على تمزيق المجتمع يحاول صناعة صورة زائفة ومشوهه من الوطنية التي مع مرور الوقت تتحول لأداة ضغط لإجبار الناس على قبول سياسات النظام مهما كانت خاطئة .
وطنية زائفة تلغي مفهوم النقد المجتمعي حتى يوصف المواطن الذي يمارس هذا النقد بأنه "غير وطني" يجب محاسبته ومعاقبته بأشد العقوبات .
وطنية زائفة تبرر الظلم وتخفي الفشل وتأصل للفروق بين الشعب فيصبح حب الوطن ليس له قيمة انما مجرد شعارات لتجميل صورة النظام بينما معاناة الوطن مستمرة .
وطنية زائفة تخدم مصالح فئة صغيرة تستخدم منهج اسمع واطع وطبل واخنع ولا تعترض على ظلم او ترفض قرار حتى لو كان ضد مصالح الشعب .
وطنية زائفة ترفض الالتزام بالقيم والمبادئ الإنسانية وتتجاهل العدالة والمساواة وترفض المطالبة بالإصلاح وتصفق لتحويل الدولة إلى مزرعة خاصة .
وطنية زائفة تربط مصلحة الوطن بالطاعة العمياء المطلقة للظالم الجاهل الذي يبطش بالبسطاء دون رادع اخلاقي او قانوني .
وطنية زائفة تمتدح هدم المجتمع بالملاحقات الامنية والتضييق على الحريات وتبرير الاستبداد وتكميم الافواه وتمجيد القمع .
الكويت اليوم أمام مفترق طرق إما أن يستعاد الوطن ويبنى مشروع وطني حقيقي أو تظل رهينة وطنية مفبركة يصنعها النظام لحماية نفسه لا لحماية الوطن .
بقلم ..
بوصباح