لا نستغرب من شخص بمنصب رفيع مثل نائب رئيس مجلس وزراء ووزير االداخلية والدفاع الذي يقول عن نفسهُ أنه لم يقرأ كتابا في حياته أن يحول بلد بأكمله إلى مسلسل " أكشن" (action) ركيك وتافه ويذكرني بالمسلسل " الخطر معهم" الذي كانا طارق العلي وجمال الردهان يطاردان فيه المجرمين بمشاهد مبتذلة وضعيفة.
أخر مشاهد الإبتذال في مسلسل فهد اليوسف كانت تصوير شخص مصاب بلوثة عقلية وهو يسلم على الحدود العراقية - الكويتية للشرطة الكويتية، وهو سلمان الخالدي اللاجيء السياسي في بريطانيا وفاقد للجنسية الكويتية ،والذي لا نتفق مع اسلوبه في طرح أرائه السياسية، ولكنه بكل التعريفات القانونية الدولية يعتبر سجين رأي.
ما قام به وزير الداخلية قبل ساعات وذهابه الى الحدود لإستلام الخالدي وبث وزارة الداخلية للخبر في منتصف الليل هو أمر يوضح الأزمة التي تعيشها الكويت على مستوى الحكم وإدارة شئون الدولة.
البلد تعيش مهرجان سوداوي من ملاحقات أمنية وتهديد بالهوية الوطنية ( الجنسية) وتجريد أمهات الكويتيين من جنسياتهن وتجميد أصول واستحقاقات مالية لمواطنيين في حساباتهم البنكية وفوق كل ذلك حالة ابتذال بمطاردات أمنية سياسية عبثية.
لم يكن ضمن تاريخ الكويت سعيها لمطاردة واسترداد اللاجئين السياسيين كما الأنظمة الأخرى في ماعدا مرتكبي الجرائم الجنائية، ولكن في هذا العهد الذي وعدنا بالتنمية والرخاء تحول الأمر على النحو الدي نعايشه حاليا من خوف وهلع .
والمؤسف أن مصالح بريطانيا مع الكويت المتمثلة في مكتب الإستثمار الكويتي الذي يقع مقره في لندن والمليارات الكويتية المودعه في البنوك الإنجليزية وصفقات السلاح وخلافه ستجعل الحكومة البريطانية لاتهتم بمصير الخالدي، كما فعلت بإمتناعها عن تسليم المختلس فهد الرجعان حتى لا تحرج أسرة الحكم الكويتية بالأسرار التي يملكها حتى وفاته المفاجأة على الأراضي البريطانية.
في كل الأحوال إذا تجاهلت لندن مصير الخالدي فأن محاكم حقوق الإنسان الأوروبية والكندية قادرة على ملاحقة من قام بالقبض عليه وتسليمه سواءً كان في العراق أو الكويت لو أرادت أسرته ذلك خاصة في ظل الظروف الإستبدادية التي تعيشها البلاد.
السوابق العالمية تبين أنه لم يسبق في العالم أن ذهب وزير داخلية بنفسه لإستلام لاجيء سياسي حتى أن عبدالله اوجلان الكردي قائد التنظيم المسلح الذي يقاتل تركيا يوم تم القبض عليه ووصوله إلى أنقرة كان في استقباله النائب العام ولجنة قضائية.
ولكننا نتساءل ما مغزى افعال فهد اليوسف من تصوير سلمان الخالدي ملقى على الأرض ويداه مقيدتان ما هذه الصورة المدمرة لكويت التسامح والإنسانية وماهي الرسالة التي يريد ارسالها في منتصف الليل للداخل والخارج؟.
الكويت تستنزف في مسلسلات " أكشن" رخيصة ومبتذلة وركيكة الأداء والنص والحوار والسيناريو والجميع " منغث" ولكن لا أحد قادر على تناول " الريموت كنترول" ليطفىء الشاشة وينهي حلقاته الطويلة " البايخة" والمؤلمة.